القديس يوحنا التبايسي الشهير يوحنا الاسيوطى بجبل أسيوط
القديس يوحنا التبايسي الشهير يوحنا الاسيوطى بجبل أسيوط
اعداد
ا د نادى كمال عزيز جرجس
نائب رئيس جامعة أسوان الاسبق لخدمة المجتمع وتنمية البيئة
تعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في يوم 21 من شهر هاتور منذ عام ٤٩٤م بتذكار نياحة القديس يوحنا التبايسي الشهير بيوحنا الأسيوطي.
ميلاده:
وُلِدَ هذا القديس بأسيوط في أوائل القرن الرابع الميلادي، من أبوين مسيحيين ربياه على الآداب المسيحية.
رهبنته وبعض معجزاته:
مضى إلى برية شيهيت. ترَّهب على يد القديس إيسوذوروس وقضى هناك خمس سنوات في جهاد وعبادة.
ظهر له ملاك الرب وأرشده أن يمضى إلى جبل أسيوط وأقام هناك مغارة قضى فيها بقية حياته.
اشتهر بالنسك الشديد ورغم ذلك كان يقابل زائريه ببشاشة. وكان يقصده الكثيرون لطلب المشورة. واشتهر أيضاً بالتنبؤ بأشياء قبل حدوثها. واشتهر بعمل المعجزات.
اهتمامه بالفقراء وتعمير الكنائس:
كان هذا القديس يحفظ السكون في المغارة لفترات طويلة. وعلى الرغم من هذا فإنه كان يقابل من يأتي إليه طلباً للمشورة أو للشفاء وكان يشجع الزائرين له على الاهتمام بالفقراء والمساكين ودفْع العشور التي كان يُقسِّمها ثلاثة أجزاء، الأول للإكليروس والثاني لعمارة الكنائس والثالث للفقراء.
مؤلفاته:
كتب هذا القديس مؤلفات عديدة وتفاسير للعهد الجديد وأقوال روحية نافعة. ولما أدرك قرب نياحته، التمس أن لا يطلبه أحد مدة ثلاثة أيام صرفها مصلياً ثم تنيَّح بسلام.
وفيما بعد بنيت كنيسة بمغارة القديس يوحنا التبايسي (الأسيوطي) بالجبل الغربي بدير السيدة العذراء بدرنكة .
مع اللصوص:
ظنَّ أربعة لصوص أنَّ لدى القديس أموالاً كثيرة بسبب تحاشُد الجماهير عليه، لينالوا بصلواته الشفاء، أو يتمتَّعوا بمشورته الروحية. ففي نصف الليل، نقب اللصوص باب مغارته، ولكنهم أُصيبوا بالعَمَى، وظلُّوا خارج المغارة حتى الصباح. وعندما احتشدت الجموع، أرادت أن تُسلِّمهم للوالي. أمـا القديس فقـال لهم: ”اتركوهم، وإلاَّ تُفارقني موهبة الشفاء“.
امرأة تلحُّ على رؤيته:
كانت إحدى النساء تلحُّ على رجلها أن ترى القديس يوحنا. وقد جاء الرجل، وهو من النبلاء، يطلب من القديس أن يسمح لزوجته أن تراه، فكانت إجابة القديس: ”هذا الأمر مستحيل“. وإذ صمَّمت الزوجة على رؤية القديس قبل سفرها؛ قال القديس لزوجها: ”سأظهر لها في هذه الليلة، لكن لن أسمح لها أبداً برؤية وجهي بالجسد“!
وفي الليل، ظهـر القديس للمـرأة في حُـلم، وقـال لها:
[مـا عسى أن أفعـل لـكِ يا امرأة؟ لماذا تحرصين بشدَّة أن تري وجهي؟ هل أنا نبيٌّ أو بارٌّ؟ إني خاطئ وشهواني مثلكِ. وها قد صلَّيتُ من أجلكِ ومن أجل زوجكِ ولموضع إقامتكِ. فإنْ آمنتِ يكون لكِ، فسافري بسلام].
وعندما نهضت المرأة من نومها، روت لزوجها ما رأته وما سمعته، ووصفت له شكل الرجل الذي رأته في الحُلم وهيئته، وقدَّمت الشُّكر لله؛ وإذ رأى القديس يوحنا رجلها بعد ذلك، قال له قبل أن يتكلَّم: ”لقد حقَّقتُ طلب زوجتك ورجاءها، وعليك ألاَّ ترى وجهي“. فانصرف الرجل في سلام.
تواضُع القديس:
يروي لنا القديس جيروم قائلاً:
[كان القديس لا يُجري معجزات الشفاء جهراً، بل كان يُصلِّي على الزيت ويُعطيه للمتألِّمين والمرضى، فيبرأون].
حزمه:
كان القديس يوحنا يتحدَّث مع القادمين إليه ويُخبرهم بما فعلوه سرّاً، كما كان يُشير إلى غضب الله وما سيحلُّ عليهم من كوارث بسبب خطاياهم.
يقول القديس جيروم عن القديس يوحنا التبايسى:
[لقد رأينا عجائب، فقد كُنَّا سبعة أجانب، ذهبنا إلى القديس، وبعد السلام، فَرِحَ بنا. فطلبتُ منه قبل كل شيء أن يُصلِّي لأجلنا، كعادة كل آباء مصر. ثم سألني إن كان بيننا كاهنٌ أو شمَّاسٌ. وإذ قلنا له إنه لا يوجد، عرف أن بيننا شمَّاساً أخفى رُتبته تواضُعاً. فأشار إليه القديس بيده قائلاً: ”هـذا هو الدياكون“، وأَخَذَ القديس يده من خلال النافذة وقبَّلها، وطلب منه ألاَّ ينكر نعمة الله المُعطاة له، سواء كانت صغيرة أو عظيمة.
وإذ كـان أحدنا يرتجف، وهـو مريض بحُمَّى شديدة، طلب من القديس أن يُصلِّي لشفائه. فقال له: ”هذا المرض لصالحك، لأنه قد ضعف إيمانك“. ثم أعطاه زيتاً وطلب منه أن يدهن نفسه به، كما رشمه بالزيت، فتركته الحُمَّى وسار على قدميه معنا].
ويكشف لنا القديس جيروم عن محبة القديس يوحنا الأسيوطي واهتمامه بالآخرين وبشاشته، إذ يقول:
[رحَّب بنا القديس كأولادٍ لأبيهم لم يلتقوا به منذ مدةٍ طويلة، وأجرى معنا حواراً، وقال: ”مِن أين أتيتُم، يا أبنائي؟ ومِن أيِّ بلد أنتم؟ لقد أتيتُم إلى إنسانٍ مسكينٍ وبائس!“. وقد ذكرنا له اسم بلدنا، وأننا جئنا إليه من أورشليم لمنفعة نفوسنا…
ثم قال (القديس): ”لا يظُنُّ المرء أنه قد اقتنى معرفة كاملة، بل القليل منها. يليق بنا أن نقترب إلى الله بطُرُق مُعتدلة وبإيمانٍ، وأن يبتعد محبُّ الله عن الماديات حتى يقترب إلى الرب ويحبه. كل مَن يبحث عن الربِّ بكل قلبه يبتعد عن كلِّ ما هو أرضي!“
القديس يوحنا التبايسي الشهير يوحنا الاسيوطى بجبل أسيوط
”يليـق بنـا أن نهتم بمعرفـة الله قـدر المستطاع، لأنـه لا يمكـن الحصـول على معرفـة كاملة عنه. وهـو يكشف لنا بعض أسراره. وسيعرف المرء مـا سيحدث قبل وقوعه، وتُعلَن له رؤى مجيدة، كما ظهرت للقدِّيسـين. ويعمل الله أعمالاً عظيمة. وكـل ما يطلب من الله يُعطيه إيَّاه…“.
”لا تيأسوا في هذا البلد، لأننا في وقت مُحدَّد سنُرسَل إلى عـالم الراحـة. ولا يتعالى أحـدٌ بأعماله الصالحة، بل يظل في حالة توبة دائمة“.
”الحياة الديرية بجوار القُرى قد أضرَّت الكاملين. أرجو، يـا أبنائي، مـن كل واحدٍ منكم، قبل كل شيء، أن يعيش حياة التواضُع، لأنه أساس كل الفضائل“].
وقد روى لهم القديس أيضاً أمثلة لرهبانٍ سقطـوا وتـابوا، فبلغوا درجـاتٍ عظيمـة في الروحانية. كما حدَّثهم عـن متوحِّدين كـانوا يحرصون على خلاصهم وكمالهم في الرب.
وقد أشار إلى متوحِّدٍ لم يهتم بالطعام، سواء كان حيوانياً أو نباتياً؛ بل كان قلبه مُتعلِّقاً بالربِّ، مترقِّباً مغادرته للعالم. فكان الله يكشف له عن أمجاد الدهر الآتي. وكان جسده مملوءاً صحة حتى شيخوخته، وكان يجد طعاماً على مائدته، وهو كثير التسبيح، حتى أنه لا يشعر بالجوع.
يختم القديس جيروم حديثه بقوله إنَّ القديس يوحنا كان يتحدَّث معهم بكلماتٍ ومحادثاتٍ لمدة ثلاثة أيام حتى الساعة التاسعة، أي الثالثة بعد الظهر. وقـد أخبرهم بوصـول رسـالة إلى الإسكندريـة تُعلِن عـن نصرة الإمبراطـور ثيئـودوسيوس وقَتْـل الطاغيـة أوجينيوس (عام 394م). وقد تحقَّق كل ما قاله.
من كلماته:
1. مَن ينشغل بالسماويَّات، يقف غير مُشتَّت في حضرة الله، دون أيِّ قلق يسحبه إلى الوراء. فيقضي حياته مع الله، مُنشغلاً به، ويُسبِّحه دون انقطاع.
2. مَن تأهَّل لمحبة الله، تكون محبة الناس بالنسبة له محبوبة أكثر من حياته، إذا استطاع أن يُساعدهم حتى بموته (من أجلهم). فإنه يحب أن يبذل حياته عِوَضاً عن حياتهم، لكي بأحزانه (وآلامه من أجلهم) يجدون هم راحة.
3. مُحب الفقراء يكون كمَن له شفيع في بيت الحاكم. ومَن يفتح بابه للمعوزين، يمسك في يده مفتاح الله.
4. القربان الروحي، هو تقديم أفكار طاهرة تقترن بذِكْـر الله. والمذبح الروحي هـو العقل المرتفع عـن تذكارات العالم. والكنيسة الروحية هي الإيمان والتمتُّع بالأسرار الإلهية.
5. لا تعمل مع سيِّد الكل من أجل موهبة يُعطيها لك، لئلا يجدك مُحبّاً لعطاياه وبعيداً عن حُبِّه شخصيّاً.
نطلب شفاعه القديس يوحنا التبايسى لنا ولكم وللجميع ولمصرنا الحبيبة.
تحيا مصر رئيسا وقيادة وشعبا وشرطة وجيشا والجميع والمصريين الشرفاء.
والله ولى التوفيق والنجاح الدائم.