كنيسة سيّدة الزلزلة العجائبية في زحلة لبنان
كنيسة سيّدة الزلزلة العجائبية في زحلة لبنان
اعداد
ا د نادى كمال عزيز جرجس
نائب رئيس جامعة أسوان الاسبق لخدمة المجتمع وتنمية البيئة
موقع الكنيسة:
تقع كنيسة سيّدة الزلزلة العجائبيّة في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من مدينة زحلة حيث نشأ أقدم حيٍّ من أحياء المدينة، وعلى بُعد مئةٍ وخمسين مترًا منها.
تاريخ بنائها:
لا نعرف، بالتحديد، السّنة الّتي بُنيَت فيها هذه الكنيسة، ولكن يُشير بعض الدلالاتِ إلى احتمال بنائها في النّصف الثاني من القرن السّادس عشر أو، كحدٍّ أقصى، في آخره. المؤرِّخ عيسى اسكندر المعلوف يقول عنها إنّها أوّل كنيسةٍ بُنيت في زحلة، وهذا شائعٌ في ذاكرة أبناء المدينة. يقول أيضًا إنّ بعض العائلات الأرثوذكسية القديمة في المنطقة سكنَتْ زحلةَ في القرنِ السّابع عشر. من هذه العائلات عائلة ”الحاج شاهين“ الّتي أتَت مع السّلطان سليم الفاتح فأقطعها أرض عرْجموش في منطقة حوش الأمراء العقاريّة حاليًا،
كنيسة سيّدة الزلزلة العجائبية في زحلة لبنان
وذلك سنة 1517. انتقلت عائلة ”الحاج شاهين“ إلى زحلة إثر خلاف بينها وبين السيّاد في برالياس. هذا ويوردُ عيسى اسكندر المعلوف أنّ حوالي الثلاثين الألف مقاتل حطّوا رحالهم في أرض عَرْجَموش في العام 1584. هذا يفترض أنّه لم تكن عائلة ”الحاج شاهين“ ساكنةً في أرض عَرْجَموش في ذلك الوقتِ. على هذا يكون الوجود الأرثوذكسيّ في زحلة قابلاً للردّ إلى القرن السّادس عشر، وعلى الأكثر إلى بدايات السّابع عشر. وهذا يتضمّن أنّ الرّعيل الأوّل من الأرثوذكس يكون قد بنى كنيسة في ذلك الحين.
يشار إلى أنّ العثمانيين، يومذاك، كانوا يُحَوِّلون الكنائس إلى جوامع. لذا كان من الصّعب على أحد أن يُشَيِّد كنيسة في ظل حكمهم. فإذا كان ”آل النّصراني“، الّذين صاروا ”آل الحاج شاهين“ لاحقًا، قد تمكنوا من بناء كنيستهم فلأنهم كانوا يحملون براءةً من السّلطان سليم الأوّل تقديرًا لهم. وهكذا، فيما يُظن، بُنيت كنيسة سيدة الزلزلة العجائبية في زحلة وقامت العائلة بتشييد مساكن لها حول الكنيسة.
تسميتُها وزلزلة العام 1759:
حدث زلزالٌ قويٌّ في العام 1759، غرقت مدينة بيروت على أثره وتضرّرت مدينة بعلبك الّتي كان ما يزال معبدها قائمًا بأعمدته كاملةً مع الهيكل حتّى ذلك الحين. يُذكر أنّ شكلها الحالي صار عليه بعد الزلزال. أما زحلة فكانت بلدةً صغيرةً وكنيسة السّيِّدة كانت أعلى بناءٍ فيها. فلما وقعت الزلزلة تشقّقت الأرض خلف الكنيسة وزحلتِ التربةُ باتجاه الكنيسة، ولمّا تتوقّف إلا بعجيبة بعدما اصطدمت بالكنيسة وطمرت جزءًا من حائطها الغربي. إذ ذاك توقّفتِ الهزّاتُ الأرضية وسلِمت كلّ المنازل من تأثير الزلزال، وأيقن أبناء زحلة أنّ كنيسة السّيّدة حمتهم منه وأوقفتْه، فتوافدوا إليها شاكرين العذراء على حمايتها لهم.
علامات الزلزال في الكنيسة:
أثناء توسيع الكنيسة من الجهة الغربية عام 2003، تبيّن، أثناء أعمال إزالة الأتربة، أنّ الحجارة دون أرضية الكنيسة مصقولة وهي مشابهة للحجارة الّتي فوقها، ما يدلّ على أنّ هذه النّاحية لم تُبنَ لكي تُطمَر بل جرى ذلك إثر الزلزال.
وهناك أيضًا قنطرة من القناطر، قوسها منحطّ من إحدى جهتيه والعقد تفكك قليلاً.
كما يوجد عمود، واضح للعين المجردة، زَحَل أساسُه حوالي سّبعة سنتمترات من ضغط الزلزال، من الناحية الشمالية للكنيسة.
إلى ذلك تفسّخت الأرضية عند الحائط الشرقي للكنيسة، ناحية الهيكل، وانشقت الحجارة المرصوفة وتباعد بعضها عن البعض الآخر حوالي خمسة أو ستة سنتمترات.
ومنذ تلك الحادثة أطلق المؤمنون على الكنيسة اسم ”كنيسة سيّدة الزلزلة العجائبيّة“. كلّ البيوت المحيطة بها بقيت سالمة، ولا أثر للزلزال فيها. كما اعتُبرت الكنيسة ملجأ لكلّ متألّم لا فقط بين الأرثوذكس بل بين الكاثوليك والموارنة أيضًا، فيما بعد.
نطلب شفاعة العذراء مريم ام النور لنا ولكم وللجميع ولمصرنا الحبيبة وللبنان.
تحيا مصر رئيسا وقيادة وشعبا وشرطة وجيشا والجميع والمصريين الشرفاء.
والله ولى التوفيق والنجاح الدائم.