ما هي الميليشيات التي تقاتل ضد حماس ومن يدعمها؟

ما هي الميليشيات التي تقاتل ضد حماس ومن يدعمها؟
مع اتساع رقعة الفوضى وتراجع نفوذ حماس في بعض مناطق القطاع
بعد نهاية الحرب مع إسرائيل، لجأت الحركة إلى تنفيذ عمليات إعدام علنية بحق من تصفهم بـ”العملاء والخارجين عن القانون”،
في محاولة لفرض قبضتها مجددا على قطاع يتفكك تحت الضغط.
هذه الإعدامات، التي أثارت موجة استنكار دواسعة، تكشف عن صراع متصاعد
بين الحركة وجماعات مسلحة وعشائرية متهمة بالتعاون مع إسرائيل.
فيما يخشى مراقبون أن تتحول غزة إلى ساحة لحرب داخلية قد تخدم مصالح إسرائيل.
ما هي الميليشيات التي تقاتل ضد حماس ومن يدعمها؟
في قلب الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة، ومع تراجع قبضة حركة حماس في بعض مناطق القطاع بفعل الضربات التي تلقتها من الجيش الإسرائيلي، بدأت ملامح مشهد جديد ومعقد بالظهور، تختلط فيه السياسة بالقبلية والعسكرية.
ميليشيات وعشائر مسلحة تتشكل في الظل، بعضها يرفع شعار “استعادة الأمن”،
وأخرى تتحدث باسم “الكرامة الفلسطينية”. لكن حماس تتهمها جميعها
بأنها أدوات بيد إسرائيل، تعمل على تمزيق النسيج الداخلي للقطاع.
كما يرى البعض في هذه الجماعات، المنتشرة بين رفح وخان يونس والشجاعية،
بداية “فوضى منظمة”، فيما يعتبرها آخرون تعبيرا عن سخط شعبي تراكم على مدى سنوات من الحصار والانقسام.
ومع مرور الوقت، تزداد خطوط المواجهة داخل غزة تعقيدا، لتتحول من صراع بين حماس وإسرائيل
إلى صراع داخل البيت الفلسطيني نفسه. فما هي هذه الميليشيات؟ من يدعمها، وكيف تتعامل معها حماس؟
القوات الشعبية: بين حماية المساعدات والتنسيق مع إسرائيل
هو فصيل فلسطيني معارض لحماس، يقوده ياسر أبو شباب، وينشط في غزة ورفح وخان يونس. يدعي هذا الفصيل أنه يحمي المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع من النهب والفساد المنسوب لحركة حماس، غير أن تقارير صحافية عديدة اتهمته بتحويل جزء من هذه المساعدات لصالحه، إضافة إلى تنسيقه الأمني مع السلطات الإسرائيلية.
ياسر أبو شباب، الملقب بـ”بابلو إسكوبار غزة”، سجين فلسطيني سابق وُلد عام 1990 وينتمي إلى قبيلة الترابين في رفح. وصفه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بأنه “زعيم عصابة إجرامية تعمل في منطقة رفح وتُتهم على نطاق واسع بنهب شاحنات المساعدات الإنسانية”.
اقرأ أيضاحماس تعدم أفراد عصابات على خلفية اتهامهم بالسرقة وسط تفاقم أزمة الغذاء في غزة
واتهمت “الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية”، التي تضم عدة فصائل مقاومة، “القوات الشعبية” بأنها “أداة في يد الاحتلال الإسرائيلي”، واعتبرت أن “العميل” أبو شباب ومن معه “منزوعو الهوية الوطنية وخارجون عن الصف الوطني الفلسطيني، ودمهم مهدور بإجماع فصائل المقاومة”. يقدر عدد أفراد هذا الفصيل بنحو 400 مقاتل.
قوة مكافحة الإرهاب: ذراع جديدة بدعم إسرائيلي
تكونت هذه القوة في عام 2025 في خان يونس بقيادة حسام الأسطل، عمل لسنوات داخل إسرائيل قبل التحاقه بالأجهزة الأمنية الفلسطينية. واجه الأسطل عدة خلافات مع حماس، التي اعتقلته أكثر من مرة، ويبلغ من العمر 50 عاما.
في تصريح لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، أوضح الأسطل أن جماعته — التي تصفها حماس بأنها “مرتزقة” — تقدم المساعدات الغذائية والمأوى والمياه لمن لا تربطهم علاقة بحماس. وتتمركز جماعته في جنوب خان يونس، وهي منطقة تم إخلاؤها من السكان خلال الحرب.
ولم ينف الأسطل تعاونه الأمني مع الجيش الإسرائيلي، بل أكد حصوله على دعم منه،
مشيرا إلى أن تزايد عدد المنضمين لقوته يعود إلى “رغبة سكان غزة في عدم الاستمرار تحت حكم حماس”، على حد قوله.
عشائر مرتبطة بحركة فتح: دعم خفي وصراع قديم
من بين هذه العشائر عائلة حِلِّس التي يقودها رامي حِلِّس في حي الشجاعية بمدينة غزة.
وقد اتُّهمت هذه العشيرة بتلقي دعم مباشر من إسرائيل والتنسيق معها، خصوصا في المناطق الشرقية من رفح وخان يونس والشجاعية.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن “إسرائيل ترعى ميليشيات فتحاوية لمحاربة حماس وتنسق معها”،
مضيفة أن رامي حِلِّس يتمركز في منطقة تل الهوى جنوب غرب غزة، ويقود مجموعة مسلحة مدججة بالسلاح تعمل تحت مظلة الحماية الإسرائيلية، وله علاقات عائلية مع قيادات بارزة في حركة فتح.
اقرأ أيضاغزة: ما الذي يهدد اتفاق وقف الحرب
وفي حديث لفرانس24، قال محمود الأفندي، المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وروسيا،
إن “بعض العشائر الفلسطينية، خصوصا البدو في صحراء النقب، تم تجنيدهم من قبل إسرائيل منذ زمن طويل”،
مضيفا أن “الصراعات بين حماس وهذه العشائر قديمة، وشهدت عمليات اغتيال وقتل متبادل، ما يجعل بعضها اليوم يسعى للانتقام بتوجيه من إسرائيل”.
وأوضح الأفندي أن “الموساد يستغل الانقسامات التاريخية بين الفصائل الفلسطينية
من خلال شراء عملاء وتغذية الخلافات العسكرية والسياسية”،
مؤكدا أن “أي صراع فلسطيني–فلسطيني” يخدم المصالح الإسرائيلية”.
إسرائيل “تدفع باتجاه انقسامات جديدة”
وأضاف أن إسرائيل “تسعى لخلق فصيل جديد في غزة”، مشيرا إلى أن “إسرائيل هي التي سمحت سابقا بصعود حماس وفوزها بالانتخابات التشريعية”، وأنها اليوم “تدفع باتجاه انقسامات جديدة لتبرير استمرار سيطرتها الأمنية”.
ولمواجهة تنامي هذه الجماعات، نفذت حماس عدة عمليات إعدام بحق من وصفتهم بـ”العملاء والخارجين عن القانون”،
ما أثار استنكار السلطة الفلسطينية. ويبقى السؤال المطروح: هل يتجه قطاع غزة نحو حرب أهلية داخلية؟