37 ساعة في الجو لضرب إيران، كيف قضاها طيارو قاذفات الشبح «بي-2»؟

37 ساعة في الجو لضرب إيران، كيف قضاها طيارو قاذفات الشبح «بي-2»؟

انطلقت مهمة القصف الأمريكية التي استهدفت ثلاثة منشآت نووية في إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع،

لذا تطلبت من طياري قاذفات بي-2 اختبار حدود القدرة البشرية على التحمل خلال مهمة استمرت 37 ساعة.

ووفقًا لشبكة CNN الإخبارية الأمريكية، فأنه حلقت سبع قاذفات شبح تحمل كل منها اثنين من أفراد الطاقم

دون توقف عبر نصف الكرة الأرضية ذهابًا وإيابًا في واحدة من أطول الغارات الجوية في التاريخ العسكري الحديث.

شارك العقيد المتقاعد من سلاح الجو الأمريكي ملفين جي. دايلي، والذي يشغل حاليًا منصب مدير مدرسة دراسات الردع النووي في كلية القيادة والأركان الجوية التابعة للقوات الجوية الأمريكية،

وهو من القلائل الذين يدركون معنى التواجد في قمرة القيادة خلال عملية ماراثونية، كتلك التي نُفذت نهاية الأسبوع.

37 ساعة في الجو لضرب إيران، كيف قضاها طيارو قاذفات الشبح «بي-2»؟

وصف دايلي عملية السبت بأنها «إنجاز مذهل» واستخدمت أكثر من 125 طائرة في الهجوم

فإلى جانب القاذفات السبع التي انطلقت شرقًا من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري لضرب إيران.

شملت المهمة أيضًا قاذفات بي-2 أخرى حلقت غربًا في إطار عملية تمويه،

بالإضافة إلى طائرات مقاتلة وطائرات استطلاع وناقلات وقود متمركزة على طول مسارات القاذفات.

وقال دايلي: «الشيء الذي كان أكثر تاريخية بالنسبة لي هو حقيقة أن لدينا سبع طائرات نفاثة فوق منطقة الهدف،

نفذت سبع غارات مختلفة بالقنابل، كل ذلك في غضون 30 دقيقة».

وحكى أنه قبل حوالي 25 عامًا -خلال فترات عمله- كان الطيارون المؤهلون للمهام يدربون على جهاز محاكاة طويل الأمد لمساعدتهم على تخطيط دورات نومهم، لكن هذه الأجهزة كانت عادة لا تدوم سوى 24 ساعة.

لافتًا إلى أنه «أطول طلعة جوية قام بها دييل قبل رحلته القياسية كانت 25 ساعة».

حبوب منومة

ذكر أنه تم تحديد أطقم القاذفات للمهمة مسبقًا، لكنهم لم يكونوا على دراية بموعدها أو حتى ما إذا كانت ستُنفذ.

وقال دايلي إن أطباء الطيران أعطوا أطقم القاذفات حبوبًا منومة لمساعدتهم على الراحة في الأيام التي سبقت القصف.

أوضح: «كنا نعلم أنه إذا اتخذ الرئيس القرار فإننا سنطير في الليلة الثانية».

في يوم مهمته، استيقظ دايلي، قائد المهمة، قبل موعد إقلاعه بثلاث أو أربع ساعات للمشاركة في جلسات إحاطة مع طياره وطاقم طائرة بي-2 الأخرى في تشكيلتهم. انطلقوا غربًا على متن قاذفة الشبح.

قواعد صارمة

كانت السياسة المتبعة في عهد دايلي تقتضي تواجد كلا الطاقمين في مقعديهما في اللحظات الحرجة من الرحلة، بما في ذلك الإقلاع والتزود بالوقود والقصف والهبوط. وفي الساعات الفاصلة، كان يتناوب أفراد الطاقم على النوم في سرير صغير خلف مقاعد قمرة القيادة.

أضاف العقيد الأمريكي: «ربما قاموا بترقيته في السنوات العشرين الماضية إلى شيء أكثر راحة قليلًا، لكنه كان عبارة عن سرير معدل خلف الطيارين، حيث يمكن لعضو الطاقم غير الجالس في المقعد تنظيفه والحصول على بعض النوم لمدة ثلاث أو أربع ساعات تقريبًا بين عمليات التزود بالوقود جوًا».

تابع: «من الواضح أن أي شخص يخوض معركة لديه مستوى من القلق، لكنك ستحصل في النهاية على قسط من الراحة، لمجرد أن جسمك سيحتاج إلى ذلك».

كانت مهمة دايلي تتجه غربًا عبر المحيط الهادئ، مستفيدًا من ميزة وجود ضوء الشمس لمدة ٢٤ ساعة تقريبًا، مما يعاكس إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعية للجسم، ويمنع الطيارين من النعاس. كما تلقى كلا الطاقم بعض الدعم الكيميائي للبقاء مستيقظين مع استمرار المهمة.

قال: «كان لدى طبيب الرحلة ما نسميه حبوب منع الحمل -المصرح باستخدامها- الأمفيتامينات (هي منبهات الجهاز العصبي المركزي)». وأكد أن السياسات كان من الممكن أن تتغير خلال أكثر من عقدين بين رحلته والمهمة الأخيرة، وأن تجربته قد لا تعكس تجارب طواقم قاذفات القنابل يوم السبت.

تُعد طائرة بي-2، التي تصنعها شركة نورثروب غرومان الأمريكية، من أغلى القاذفات وأكثرها تطورًا. لكن نظام دورات المياه كان بدائيًا. كان هناك مرحاض كيميائي على متن الطائرة، لكن الطيارين استخدموه فقط لما وصفه دايلي بـ«حالات الطوارئ الأكثر إلحاحًا» لتجنب امتلائه..

37 ساعة في الجو لضرب إيران، كيف قضاها طيارو قاذفات الشبح «بي-2»؟

أوضح العقيد المتقاعد: «لم يكن هناك فاصل بين هذا المرحاض ومقاعد الطيار.. الخصوصية هي أن ينظر الرجل في الاتجاه الآخر».

أشار إلى أن الارتفاعات العالية وقمرات القيادة المضغوطة قد تسبب جفافًا للطيارين، وكان شرب الماء أمرًا بالغ الأهمية. قدر دايلي أنه والطيار الآخر يشربان زجاجة ماء تقريبًا كل ساعة. وكانا يتبولان في أكياس بلاستيكية صغيرة تُشبه أكياس زيبلوك البلاستيكية، مليئة برمل القطط.

كان دايلي والطيار الآخر يتناولان وجبات معدة للطيارين أثناء الطيران، ولكن يشير إلى أن «الجلوس ساكنًا لعشرات الساعات، يوفر مساحة كافية للتجول في قمرة القيادة قليلًا، ولكن ليس بما يكفي لممارسة الرياضة».

لفت إلى أنهم حلقوا بطائرتهم عبر المحيط الهادئ وجنوب الهند قبل أن يتجهوا شمالًا نحو أفغانستان. زُوّد الطائرة بالوقود عدة مرات في الجو. ومع غروب الشمس، تناول دايلي أحد الأمفيتامينات التي أعطاها له طبيب الرحلة ليبقى متيقظًا.

من بعدها ألقى الطاقم حمولتهم فوق أفغانستان، مقضين حوالي أربع ساعات إجمالًا فوق البلاد قبل المغادرة. لم يكن من المقرر في البداية أن تستمر مهمة دايلي 44 ساعة، ولكن بمجرد مغادرتهم المجال الجوي الأفغاني، أُمروا بالعودة جوًا لإجراء عملية قصف أخرى.

فيما تلقى دايلي جرعة زائدة أخرى من دواء أعطاه إياه طبيب الرحلة، وبعد الجولة الثانية، هبط الطاقم في دييغو غارسيا، وهي قاعدة عسكرية على جزيرة تبعد حوالي 1100 ميل جنوب غرب الهند. خلال جلسة استماع تمهيدية للمهمة، عرض على الطيارين فيديو للأهداف التي ضربوها ثم تناولوا وجبة طعام، واستغرقوا حوالي ساعة للاسترخاء، ثم ناموا أخيرًا.

اللحظة الأكثر سريالية

وقال ستيفن باشام، وهو فريق متقاعد من القوات الجوية الأمريكية طار بطائرات بي-2 فوق صربيا عام 1999، وهو أول استخدام لها في القتال، لشبكة CNN إن الإقلاع كان على الأرجح «اللحظة الأكثر سريالية» في حياة أطقم الغارة التي جرت نهاية الأسبوع. وأضاف «إنهم في الواقع ينفذون مهمة لا أحد في العالم يعرف عنها شيئا، لكنها تحدث بالنسبة لقلة قليلة من الناس».

أحد الجوانب الفريدة لمهمة السبت هو الحمولة التي كانت كل طائرة تحملها: قنابل GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة MOP التي يبلغ وزنها 30 ألف رطل والتي صممت لاختراق أعماق الجبال التي قال مسؤولون أمريكيون إنها حصنت جوانب من البرنامج النووي الإيراني.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذه القنبلة في القتال، وفقط طائرات B-2 قادرة على حمل هذا النوع من القنابل. وحملت 7 قاذفات ما مجموعه أكثر من اثنتي عشرة قنبلة وقال باشام إن تأثير الفقدان المفاجئ لعدة أطنان من الوزن على كل طائرة كان على الأرجح ضئيلًا على طائرة متطورة مثل بي-2.

وقال إن عمليات التزود بالوقود في طريق العودة إلى ولاية ميسوري الأمريكية كانت على الأرجح من بين الأصعب التي واجهها الطاقم المرهق على الإطلاق، لكن «الشيء الوحيد الذي سيرفع معنوياتهم هو أنهم سيدخلون ساحل الولايات المتحدة مرة أخرى وسيحصلون على الترحيب بالعودة إلى الوطن من مراقب جوي أمريكي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى