حسابات مصر من زيارة رئيس الاستخبارات ووزير الخارجية إريتريا
حسابات مصر من زيارة رئيس الاستخبارات ووزير الخارجية إريتريا
زار كل من رئيس الاستخبارات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي،
العاصمة الإريترية أسمرة، السبت الماضي، حيث التقيا الرئيس الإريتري أسياس أفورقي،
لبحث “التطورات السياسية والأمنية في المنطقة”، بحسب بيان للخارجية المصرية.
ومرت زيارة الوزيرين المصريين مرور الكرام على وسائل الإعلام المصرية، التي اكتفت بنشر البيان “المقتضب” الذي نشرته الخارجية عن الزيارة،
وهو ما فسّره مراقبون بأنه يعكس السياسة المصرية في تجنب تصعيد لغة التصريحات
في مواجهة إثيوبيا (المنافس الإقليمي الأكبر لمصر)، لا سيما بعد شكوى أديس أبابا إلى مجلس الأمن الدولي
مما وصفته بـ”تهديد مصر المتكرر باستخدام القوة ضد إثيوبيا في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة”.
وجاءت الزيارة وسط تجاذبات محتدة لقوى إقليمية في منطقة القرن الأفريقي،
تغذيها قوى دولية أخرى اختارت كل منها أن تقف خلف كل طرف بعينه. كما جاءت بينما تسعى إثيوبيا،
والتي تعتبر قوة كبيرة في المنطقة، إلى توسيع نفوذها عبر نشر قوات لها في المنطقة تحت لواء الاتحاد الأفريقي،
وعبر الوصول إلى منفذ آمن ومستقر على البحر الأحمر، وذلك بعد أن أكملت بناء سدّ النهضة
الذي يشكل تهديداً “وجودياً” لمصر التي تخشى من توسع النفوذ الإثيوبي.
مصر ودبلوماسية “المصالح المشتركة”
وقال بيان للخارجية المصرية، إن كامل وعبد العاطي، “استمعا إلى رؤية أفورقي بشأن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر،
في ضوء أهمية توفير الظروف المؤاتية لاستعادة الحركة الطبيعية للملاحة البحرية والتجارة الدولية عبر مضيق باب المندب،
فضلاً عن التطورات في القرن الأفريقي والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها”.
واتفق الطرفان على “أهمية تكثيف الجهود ومواصلة التشاور لتحقيق الاستقرار في السودان
ودعم مؤسسات الدولة الوطنية فيه، فضلاً عن الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه”.
وحول الهدف من زيارة المسؤولين المصريين إلى إريتريا، قال المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، اللواء دكتور معتصم عبد القادر الحسن، إن “إريتريا من الدول التي لها مواقف مبدئية من القضايا الإقليمية خصوصاً المتعلقة بإثيوبيا والسودان والصومال، فإريتريا رغم قلة عدد سكانها وضعف مواردها وعزلتها الخارجية، استطاعت الوقوف بقوة ضد كل المواجهات مع إثيوبيا، كما أن لها أيادي في الصراع الصومالي، ووقفت موقفاً معلناً وصريحاً إلى جانب الحكومة السودانية في مواجهتها لتمرد الدعم السريع، وكانت من دول جوار السودان مع مصر التي وقفت صراحة مع الدولة السودانية”. كما أشار الحسن إلى “الموقف الإريتري (الحازم والرافض) تجاه محاولة جيبوتي منح إثيوبيا قاعدة عسكرية بالقرب من حدودها، وكذلك معارضتها لاتفاقية إقليم أرض الصومال مع إثيوبيا لمنحها قواعد عسكرية بمثابة إطلالة لها على البحر الأحمر والمحيط الهندي”، قائلاً إن “كل هذه الأسباب تتطلب أن تتحرك مصر تجاه الدول التي لها مصالح مشتركة معها في المنطقة”.
حرب الموانئ تعززّ الهواجس
من جهته، رأى السفير السوداني السابق في الولايات المتحدة، الخضر هارون، أن “مصر وإريتريا يجمعهما التوجس من سلوك إثيوبيا في الإقليم، وإثيوبيا أثناء احتلالها لإريتريا كانت تعتمد في الوصول إلى البحر الأحمر على ميناءي عصب ومصوع، وبعد استقلال إريتريا في 29 مايو/أيار 1991، استمر الحال لبعض الوقت، لكن الحرب التي اندلعت حول منطقة أبادمي، أنهت استخدام إثيوبيا للميناءين، وعصب ومصوع هما أقرب إلى إثيوبيا من موانئ بربرة في إقليم أرض الصومال، لكنه بديل مناسب لموانئ إريتريا، بيد أنه يُفقد إريتريا أوراقاً مهمة في مستقبل علاقتها بجارتها إثيوبيا، ويفقدها مداخيل مهمة لاقتصادها، فضلاً عن أنه قد يهدد الأمن الإريتري، إذا تم استخدامه لأغراض عسكرية بحرية، وإذا تجددت الحرب بين البلدين”.
حسابات مصر من زيارة رئيس الاستخبارات ووزير الخارجية إريتريا
وتابع الدبلوماسي السوداني والخبير في الشؤون الأفريقية: “هناك مسكوت عنه تتخوف منه إريتريا وربما مصر، وهو أن بريطانيا وأميركا تتعاملان في الخفاء مع أرض الصومال كما لو كانت دولة مستقلة، وقد يعزز اتفاق إثيوبيا معها موقف الانفصاليين فيها وسعيهم للحصول على المزيد من الاعتراف الذي يقرّبهم من الاستقلال التام، كما أن ذلك قد يزيد من الوجود الإماراتي في البحر الأحمر المتماهي مع إثيوبيا خصماً من الأمن الإريتري”.
بدورها، فسّرت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، الدكتورة نجلاء مرعي، التوجه المصري إلى إريتريا في الوقت الحالي بأن “أسمرة ليست بعيدة عن التطورات المهمة التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي، بل هي من الدول المحورية في المنطقة خصوصاً في ظل رغبة كل من مصر وإريتريا باستعادة الملاحة البحرية والتجارة الدولية من خلال مضيق باب المندب”، مشيرة إلى أن “هناك تطورات كبيرة وتحديات تشهدها المنطقة، وخصوصاً في ظل ما يحدث في السودان والتوترات ما بين الصومال وإثيوبيا بعد توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم أرض الصومال الانفصالي”.