توقعات بإلغاء عيد الأضحى وإطلاق برنامج دعم استعجالي للأسعار
توقعات بإلغاء عيد الأضحى وإطلاق برنامج دعم استعجالي للأسعار
دقت التوقعات التي كشف عنها عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، ناقوس الخطر حول آفاق الاقتصاد الوطني خلال الأشهر المقبلة من السنة الجارية، خصوصا ما يتعلق بالموسم الفلاحي، إذ كشف عن محصول مرتقب من الحبوب لن يتجاوز سقف 25 مليون قنطار، ومعدل نمو اقتصادي لن يتخطى عتبة 2.1 في المائة، ما يهدد بتكرار سيناريو السنة المالية 1994.
وفي ظل هذه المعطيات الجديدة توقع خبراء اقتصاديون قرارات سيادية خلال الفترة المقبلة، يمكن أن تهم إلغاء شعيرة عيد الأضحى، كما وقع في سنوات جفاف مماثلة، مع إطلاق برنامج دعم استعجالي لضمان استقرار الأسعار وتعزيز القدرة للشرائية المواطنين، في علاقة مع التداعيات المرتقبة لقرار الزيادة في أسعار بيع “غاز البوتان”، من خلال الشروع في عملية الرفع التدريجي للدعم عن “البوطا” ابتداء من فاتح أبريل المقبل.
وشدد الجواهري، خلال ندوة صحافية أعقبت الاجتماع الفصلي للمجلس الإداري لبنك المغرب،
على أن “التوقعات بشأن النمو يمكن أن تتغير خلال الاجتماع المقبل في يونيو،
إلا أن التكهنات بشأن موسم فلاحي ضعيف يصعب تغييرها، على اعتبار أن المساحة المزروعة الحالية ستظل في مستواها دون أي تعديل، وبالتالي فالمغرب يواجه موسما صعبا بكل المقاييس”.
قرارات سيادية
اتسم الموسم الفلاحي الحالي بظروف مناخية غير مواتية، مع تساقطات مطرية ضعيفة وموزعة بشكل غير متساو مجاليا ومن حيث الزمان، ما أثر على المساحة المزروعة بالحبوب، التي لم تتجاوز 2.5 ملايين هكتار مقابل حوالي 3.7 ملايين هكتار سنة من قبل، ما عزز توقعات بمحصول حبوب لا يتجاوز 25 مليون قنطار، مقابل 55.1 مليون قنطار خلال موسم سابق، فيما يرتقب أن تتقلص القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 6.4 في المائة في 2024.
وانطلاقا من هذه الأرقام، توقع المهدي فقير، خبير اقتصادي، قرارات سيادية خلال الفترة المقبلة،
تستهدف إعادة التوازن إلى دورة الاقتصاد الوطني، من خلال مواجهة التضخم بتدخل عاجل لدعم الأسعار،
مضيفا أن “قرارات أخرى خاصة بمواجهة تداعيات الجفاف ربما تهم إلغاء شعيرة عيد الأضحى على غرار واقعة سابقة،
خصوصا أن القطيع الوطني تأثر بشكل كبير من الظروف المناخية الحالية، إضافة إلى الارتفاع المتوقع لأسعار الأضاحي هذه السنة”.
توقعات بإلغاء عيد الأضحى وإطلاق برنامج دعم استعجالي للأسعار
واعتبر فقير، في تصريحات لهسبريس، توقعات بنك المغرب “مقلقة” بشأن مسار الاقتصاد الوطني،
رغم المؤشرات الإيجابية نسبيا، المرتبطة بتوازنات المالية العمومية،
موضحا أن وضعية الموسم الفلاحي تنذر بزيادة في واردات القمح، وتكاليف دعم الفلاحين،
ما يستلزم من الحكومة تسريع إطلاق برنامج استعجالي لمواجهة تداعيات هذا الموسم الصعب،
والتفكير في إحداث صندوق لتعبئة التمويلات، على غرار “صندوق 126”.
وشدد الخبير الاقتصادي في السياق ذاته على أن مسار التضخم متسارع،
ما يفرض على الحكومة ضرورة التعجيل باتخاذ إجراءات حاسمة،
خصوصا مع تزايد التكاليف المرتبطة بتمويل أوراش الحماية الاجتماعية،
والدعم المباشر للأسر وغيرها من البرامج الهيكلية.
تضخم مزمن
لم يخف والي بنك المغرب أيضا دعمه ومساندته الكبيرين لآلية الدعم المباشر للأسر التي أقرتها الحكومة وشرعت في تفعيلها منذ نهاية شهر دجنبر من السنة الماضية، خصوصا ما تم إنجازه في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وتحديد الفئات التي يمكن استهدافها بالدعم العمومي، مؤكدا أن شروع الحكومة في رفع الدعم عن قنينات الغاز (البوطا) منطقي، ويقطع مع التفاوتات التي كانت تحدث بين فئات المجتمع المغربي،
واستفادتها على اختلاف طبقاتها من الدعم بالقيمة نفسها.
وتعقيبا على هذا التوجه حذر يوسف كراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، من مخاطر ارتفاع التضخم خلال الفترة المقبلة،
بالتزامن مع انطلاق مسلسل “إصلاح المقاصة”، والرفع التدريجي للدعم عن “غاز البوتان”،
مؤكدا أن هذا الوضع يمكن أن يتسبب في موجة تضخمية خطيرة.
وشدد كراوي الفيلالي، في تصريحات لهسبريس، على أن التضخم كظاهرة لا يمكن معالجته عبر رفع أو خفض معدل الفائدة الرئيسي، موضحا أن المغرب يتخبط حاليا في مرحلة ركود تضخمي، ويحتاج إلى إجراءات أخرى غير الحل المذكور، الذي أثر سلبا على الوضعية المالية للمقاولات وتنافسية النسيج الاقتصادي الوطني، منبها إلى أهمية تنويع مصادر العملة الصعبة وتحفيز الصادرات، من أجل ضمان التوازن الماكرو اقتصادي خلال هذه المرحلة الصعبة.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن تتبع المؤشرات المالية الصادرة عن بنك المغرب ومكتب الصرف والمندوبية السامية للتخطيط أظهر محدودية إجراء رفع معدل الفائدة الرئيسي في احتواء التضخم، وإعادة إنعاش الاقتصادي الوطني،
موضحا أن الحكومة مطالبة باعتبارها المدبرة للسياسة المالية بإطلاق برنامج استعجالي لدعم الأسعار،
من أجل مواجهة التداعيات المتوقعة لرفع الدعم عن “البوطا” على أسعار بعض السلع والخدمات.