هل تخفض مصر الجنيه إلى أسعار الدولار في السوق السوداء؟
هل تخفض مصر الجنيه إلى أسعار الدولار في السوق السوداء؟
فيما تتواصل المضاربات العنيفة في السوق السوداء للصرف في مصر
توقع تقرير حديث أن تقوم الحكومة المصرية بخفض قيمة الجنيه إلى مستويات أسعار صرف الدولار في السوق السوداء.
وفي الوقت الحالي يجري تداول الورقة الأميركية الخضراء عند مستويات أعلى من 60 إلى 62 جنيهاً لكل دولار.
ورجحت مؤسسة “ستاندرد أند بورز غلوبال” للتصنيف الائتماني أن تخفض مصر قيمة الجنيه إلى نصف قيمته الحالية
للحصول على تبقى من حزمة صندوق النقد الدولي، وبمجرد الانتهاء من خفض قيمة الجنيه، ت
رى أنه سيتداول عند “مستوى يتماشى بصورة أكبر مع سعر السوق الموازية، والذي يبلغ حالياً نحو 60 جنيها للدولار الواحد”.
تعتقد وكالة التصنيف أن “مزيداً من الوضوح في شأن سياسة سعر الصرف من شأنه أن يفيد التجارة والنمو الاقتصادي،
ويؤدي إلى زيادة تدفقات التحويلات”. ويبقى البنك المركزي المصري على سعر الصرف عند مستوى 30.9 جنيه للدولار منذ مارس (آذار)، بينما استمر سعر الصرف الجنيه في الخفض مقابل الدولار في السوق الموازية.
ومنذ الإعلان عن تخارج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة خلال الربع الأول من 2022،
دخلت البلاد في سلسلة من الأزمات، أبرزها التضخم المرتفع مع استمرار جنون أسعار جميع السلع والخدمات.
وفي إطار ترويض التضخم ومواجهة أزمة شح الدولار، لجأت الحكومة المصرية إلى عديد من الإجراءات والمبادرات،
كان أهمها اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لطلب تمويل جديد، وهو ما أعلنت عنه في نهاية 2022،
حينما وافق الصندوق على برنامج تمويلي بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
هل تخفض مصر الجنيه إلى أسعار الدولار في السوق السوداء؟
في الوقت نفسه فإن الجميع يتفق على أن خفض قيمة الجنيه يلوح في الأفق،
ويتبقى فقط معرفة الموعد وبأي نسبة، إذ تردد أخيراً أن المتداولين بالأسواق الدولية مقتنعون بأن الخفض سيكون دون من المتوقع، وأقل مما كنا نظن في البداية بكثير، بعد أن أشار مسؤولو صندوق النقد الدولي إلى أن تحرير سعر الصرف بصورة كاملة قد لا يكون في المستقبل القريب، وفقاً لما قاله صندوق النقد الدولي،
موضحاً أن الصندوق يركز حالياً على مساعدة الحكومة في تحقيق أهداف التضخم، ثم سينظر في سياسات سعر الصرف في سياق التضخم.
وفي الوقت الحالي يوجد ممثلون من صندوق النقد الدولي في القاهرة لمناقشة المراجعتين الأولى والثانية
لبرنامج قرض مصر البالغة قيمته ثلاثة مليارات دولار، والمؤجلتين منذ مدة طويلة،
وعلى رغم عدم الكشف عن كثير حول الزيارة، وعد متحدث باسم صندوق النقد الدولي بإعلان التطورات عقب انتهاء الزيارة.
بالنسبة إلى البنوك المحلية، تتوقع “ستاندرد أند بورز”، “استمرار تدهور أوضاع السيولة بالعملة الأجنبية لدى البنوك المصرية”،
بحسب ما ذكرت في تقريرها، مشيرة إلى أزمة العملات الأجنبية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي،
بلغ عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية 15.8 مليار دولار.
وبسبب أزمة شح الدولار، خفض “سيتي بنك” توصيته في شأن السندات الدولارية التي أصدرتها مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى “الوزن السوقي”، وهو تصنيف يمنح لأدوات الدين إذا كانت علاوة أخطارها تتماشى مع تقديرات السوق. وفي تقرير سابق،
أوصى البنك بزيادة وزن هذه السندات عند إصدارها قبيل الانتخابات الرئاسية، حين كانت معنويات المستثمرين منخفضة اتجاه البلاد.
هل تخفض مصر الجنيه إلى أسعار الدولار في السوق السوداء؟
وكتب استراتيجيو البنك في مذكرة بحثية حديثة، إنه “على عكس نظرتنا التفاؤلية السابقة، نعتقد الآن أن الوضع تغير مع توقع بزيادة كبيرة في أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، وسط علامات قليلة على وجود محفزات إيجابية حتى الآن”. ويرى البنك أن أخطار إعادة هيكلة هذه السندات محدودة في 2024، لكنه أضاف أن السيناريو الأساس لا يؤشر بالضرورة إلى ارتفاع هذه السندات عن المستويات الحالية، مشيراً إلى أن حاجات مصر من التمويل الخارجي قد ترتفع بسبب أزمة البحر الأحمر.
ومع ذلك، امتنع محللو البنك عن إعطاء توصية بتخفيض الوزن في هذه المرحلة نظراً إلى احتمال إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي، لزيادة حزمة برنامج الإنقاذ الحالي، مما يوفر بعض الدعم الإيجابي لمنحنى عائد السندات. وأوضح المحللون أنه نظراً إلى الوتيرة البطيئة في خفض قيمة الجنيه المصري، والتعامل مع الطلبات المتراكمة في سوق العملات الأجنبية، فمن غير المرجح تخلص مصر من الاختلالات الخارجية ما لم يحدث انتعاش حاسم للاستثمار الأجنبي المباشر الذي يقدر بنحو 10 مليارات دولار خلال العام الماضي، فيما تظل احتمالات استئناف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بعيدة المنال.
رفع سعر الدولار إلى 40 جنيهاً
بالتوازي، خفض استطلاع حديث أجرته وكالة “رويترز”، توقعات نمو الاقتصاد المصري في السنة المالية الحالية إلى 3.5 في المئة، نزولاً من 3.9 في المئة في الاستطلاع السابق خلال أكتوبر الماضي، و4.2 في المئة خلال استطلاع يوليو (تموز) الماضي.
وتوقع الاستطلاع تراجع سعر الصرف الرسمي للجنيه إلى 40 مقابل الدولار بحلول نهاية يونيو (حزيران) المقبل، وإلى 43 جنيها للدولار بحلول نهاية يونيو 2025. وتوقع المشاركون في الاستطلاع تراجع التضخم إلى 30.8 في المئة قبل أن يتباطأ إلى 18.2 في المئة خلال السنة المقبلة.
وتأتي التوقعات الجديدة في ظل تراجع الجنيه وتقلص القوة الشرائية نتيجة ارتفاع التضخم، وتداعيات الحرب في غزة، ومنها خفض إيرادات قناة السويس بعد الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر، إضافة إلى تراجع توقعات السياحة.
تأتي نتائج هذا الاستطلاع، بعد تخفيض وكالة “موديز” نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”. وتستمر صعوبات الاقتصاد المصري في ظل جمود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي تم توقيعه في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بعد أن امتنعت مصر عن التحول إلى نظام سعر صرف مرن. ويجري فريق من الصندوق محادثات في القاهرة حالياً لمناقشة استكمال الحزمة التمويلية لمصر، وربما توسيعها.
وتشير تقارير محلية إلى أن مصر طلبت زيادة برنامج التمويل، وسط توقعات بأن ترتفع قيمته من ثلاثة مليارات دولار إلى ما بين ستة إلى 12 مليار دولار، لكن حتى الآن لم يصدر صندوق النقد أي مؤشرات حول قيمة الزيادة المرتقبة، وإن كانت الإشارات قوية على موافقته على زيادة برنامج التمويل الخاص بمصر.