التلوث السمعى أوالثلوث الضوضائي

التلوث السمعى أوالثلوث الضوضائي
اعداد
ا د نادى كمال عزيز جرجس 
نائب رئيس جامعة أسوان الاسبق 
فى ظل التقدم الصناعى والفوضى التى تعاني منها دول العالم وخاصة فى المدن الصناعية والكبرى ، اصبح العالم يعاني من التلوث البيئى والسمعى وغيرة.  وفى هذه المقالة سوف نتحدث فقط عن التلوث السمعى.

تعريف التلوث السمعى:

التلوث السمعي  أو  التلوث الضوضائي هو خليط متنافر من الأصوات ذات استمرارية غير مرغوب فيها، وتحدث عادة بسبب التقدم الصناعي، يرتبط التلوث السمعي أو الضوضائي ارتباطاً وثيقاً في الأماكن المتقدمة وخاصة الأماكن الصناعية. وتقاس عادةً بمقاييس مستوى الصوت،  والديسيبل هي الوحدة المعروفة عالمياً لقياس الصوت وشدة الضوضاء.
مصادر الثلوث السمعى:
هناك مصادر عديدة ومتنوعة لمصادر التلوث السمعى  ويمكن تصنيفها  إلى عدة تصنيفات، من أهمها:
ضوضاء وسائل المواصلات والطرق:
تعتبر ضوضاء المواصلات والطرق السبب الأول للضوضاء البيئية في بعض الدول، ففي مصر مثلاً مصر تمثل حوالي 60 % من أسباب الضوضاء. وتنقسم إلى:

ضوضاء السيارات:

ففي دراسة أعدت ببعض المدن ، تبين بعد قياس منسوب الضوضاء أنه يصل إلى 78.5 ديسيبل؛ مما يسبب الضيق للساكنين. كما تبين ذلك الضجيج عند التقاطعات المحكومة  بإشارات ضوئية، فيتأثر بالمسافة عن خط التوقف عند الإشارة.كما توجد مشكلات صحية مرتبطة بحركة المرور في المدن عامة، إذ أن زيادة حركة المرور -بصفة عامة- وزيادة حركة العربات بصفة خاصة، تعتبر من أهم الخصائص التي تميز التنمية في المدن، فحركة المرور تزيد بدرجة أكثر من نمو المدن، وكلما أشتدت حركة المرور أكثر وأكثر في المدن كلما زادت الضوضاء في الشوارع.

ضوضاء السكك الحديدية:

 وهي مشكلة تؤرق القاطنين بالقرب من السكك الحديدة أو محطات القطارات، حيث ارتفاع صرير عجلات القطارات على القضبان، وإن كانت مشكلة أقل تعقيداً مقارنة بضجيج السيارات بالنسبة للسكان.
ضوضاء الطائرات: وتظهر هذه المشكلة للأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات بشكل عام. وإن أصبحت الطائرات الآن أقل إزعاجاً بسبب التقدم في صناعة الطائرات.
الضوضاء الاجتماعية:
أي التي تحدث في المحيط السكني، وتأتي على قمة أنواع الضوضاء. ولها عدة مصادر للانبعاث، كضجيج الحيوانات الأليفة أو الضالة  كالكلاب  والقطط، والضجيج الصادر عن الأعمال المنزلية اليومية، والأصوات
المرتفعة الصادرة عن الأشخاص، وأصوات الموسيقى الصاخبة كموسيقى الروك
 والميتال.
ضوضاء المصانع:
تعد من أخطر أنواع الضوضاء، ويكون مصدرها المصانع أو
 الورش. وتؤثر على العاملين في هذه الأماكن، وعلى السكان القاطنين بجوار المناطق الصناعية. وتتأثر الحواس السمعية  للعاملين بالمصانع الكبيرة يوماً بعد يوم، وقد تؤدي إلى الصمم  على المدى الطويل.

المصانع والورش الحرفية:

إن عالم الصناعة الذي يتجه نحو تشييد العديد من المصانع والورش بمعدلات سريعة وطاغية،
إنما يتجه في الوقت ذاته نحو بناء مجتمعات تسودها الضوضاء، ويمزق هدوءها الضجيج والصخب.
وتعد المصانع والورش الحرفية مصدراً رئيسياً للضوضاء، مثل :
صناعة السفن ومصانع الحديد والصلب والصناعات المعدنية، واختبارات محركات الديزل،
وصناعة النسيج والزجاج والمسابك، وصناعة المراجل البخارية والمكابس والمناجم وورش التجارة الميكانيكية وتقطيع الأخشاب ومصانع الورق والمطابع.. وغيرها. وبالإضافة للمصانع توجد ورش إصلاح السيارات والسمكرة وغيرها من المحلات المقلقة للراحة، فضجيج الورش يشكل تلوثاً للبيئة يكدر راحة المواطنين ولاسيما في المناطق القريبة منها. ويرتبط بالمصانع والورش، عمليات البناء والتشييد وخاصة مطارق أوناش البناء ودق الأعمدة والأساسات الخرسانية، التي تتولاها شركات البناء ومقاولي التشييد الذين يستخدمون آلات ومعدات، في عمليات الحفر والبناء تسبب ضوضاء مزعجة جداً.

ضوضاء الماء:

يظهر هذا النوع من الضوضاء في البحار والمحيطات بشكلِ خاص، وفي الماء بشكلٍ عام، ويتأثر بهذا النوع من الضوضاء بجانب الإنسان معظم الكائنات التي تعيش في المياه. فصوت الأمواج قد يكون مصدراً لإزعاج البعض، كذلك محركات السفن أو حتى صوت بعض الأسماك؛ والتي يتأثر بها بعض الكائنات البحرية مثل الحوت.
الآثار السلبية والضارة الناتجة عن الضوضاء:
 لا توجد وسيلة دقيقة لتعيين نوع العلاقة بين الضوضاء والآثار الناتجة عنه، لأن هذه الآثار تختلف من شخص لآخر، وهي تعتمد على عدة عوامل، منها:
شدة الصوت ودرجته، ويتناسب التأثير وشدة الخطورة طردياً مع فترة التعرض حدة  الصوت،  الأصوات الحادة أكثر تأثيراً من الغليظة.
المسافة من مصدر الصوت، كلما قلت المسافة زاد التأثير.
فجائية الصوت، فالصوت المفاجئ أكثر تأثيراُ من الضجة المستمرة.
نوع العمل الذي يزاوله الإنسان أثناء تعرضه للضوضاء، مثل الأعمال التي تحتاج لتركيز شديد غير الأعمال العادية.

الاضطرابات السمعية:

إن تركيز موجات صوتية بقوة معينة على الأذن من شأنها أن تحدث تلفاً لقدرة الإنسان السمعية. فعندما يتعرض الإنسان إلى صوت شدته (70 ديسيبل) يبدأ بالانزعاج منه، وعند شدة صوت تساوي (90 ديسيبل) فأكثر تبدأ أعضاء الجسم في التأثر، وإذا استمرت الضوضاء لفترة طويلة أصيب الإنسان بالصمم إذ تؤدي شدة الصوت العالية إلى إتلاف الخلايا العصبية الموجودة بالأذن الداخلية، وتتآكل هذه الخلايا بالتدريج.
ويعرف هذا النوع من الصمم بالصمم العصبي، ويعاني المصاب به من قلة الانتباه بالتدريج وفقدان الشعور بالأصوات المحيطة حتى لو وصلت إلى ١١درجة الضوضاء نفسها. وفي هذا المجال أثبتت الدراسات الحديثة التي أجريت على عمال المصانع، أنه من بين كل خمسة عمال يوجد عامل مصاب بالصمم. وهناك نوع آخر من الصمم يطلق عليه الصمم السمعي، ويتسبب عن تمزق غشاء طبلة الأذن في حالة الضوضاء الضجائية الشديدة مثل الانفجارات (أعلى من 140 ديسيبل) وقد يؤدي هذا النوع من الضوضاء إلى سكتة قلبية عند مرضى القلب.

الآثار الفسيولوجية:

للضوضاء أضرار عديدة خطيرة أحياناً، فضوضاء الشوارع
بالمدن تؤثر في الدورة الدموية، إذ تتسبب في اضطرابات في وظائف القلب ورفع ضغط الدم،
وتنشئ اضطرابات الجهاز العصبي المستقل ذاتياً، مستقلاً بذلك عن  الإدراك  الذاتي للضوضاء.
وكذلك أثناء النوم عندما لا يكون هناك إدراك للضوضاء. كذلك كثرة الإجهاد السمعي يعمل على رفع ضغط السائل المخي والحبل الشوكي.
ومما تحدثه الضوضاء أيضاً التأخير في  تقلصات المعدة
والنقص في افرازتها، كما توجد أمراض مصاحبة للضوضاء تتمثل في ارتفاع ضغط الدم والآلام العصبية (النورليجا)،
واضطرابات في الأيض البروتيني وفي تنظيم المواد الكربوهيدراتية. وتؤثر المثيرات السمعية على منحيات الجلوكوز،
لذلك فإن مرضى السكر  يستجيبون بحساسية أكثر للضوضاء. ويمكن حصر تأثير الضجيج الفسيولوجي في نقاط، هي:
الصداع.   طنين  الأذن. ارتفاع  ضغط الدم. القرح. والأرق. أمراض التنفس المزمنة.
والتطور السلبي للجنين.

الآثار النفسية:

استمرار الضجيج وارتفاع الصوت عن المعدل الطبيعي يؤدي إلى نقص النشاط الحيوي والقلق وعدم الارتياح الداخلي  والارتباك وعدم الانسجام. فالتعرض للضوضاء لمدة  ثانية  واحدة يقلل من التركيز لمدة 30 ثانية.ويمكن حصر تأثير الضجيج النفسي في نقاط، هي:العصاب الحصري. التهيج والانفعال.سلوك غير اجتماعي. والعنف.
التأثير على قدرة الإنسان الإنتاجية: لمعدل الضوضاء آثار خطيرة على أصحاب الأعمال الذهنية والفكرية، حيث نجد فروقاً محسوسة في الإنتاج بين العمل الذي يؤدى في جو هادئ، والعمل الذي يؤدى في جو مشبع بالضوضاء. فمن الثابت أن الضوضاء تسبب حوالي (50%) من الأخطاء في الدراسات الميكانيكية، وحوالي (20%) من الحوادث المهنية، وكل ذلك يؤدي إلى خفض القدرة الإنتاجية للفرد والتأثير السلبي على الناحية الاقتصادية. وبديهي أن ضعف الإنتاج وانخفاضه يؤثر بالضرورة على الاقتصاد القومي للدولة، لذلك يجب أخذ هذا العامل بعين الاعتبار وتأمين بيئة سليمة خالية من التلوث، في أماكن العمل، حتى تتحقق الغاية المرجوة والهدف المنشود من العمل والإنتاج.

طرق مواجهة الضوضاء:

توجد العديد من الطرق الفعالة والعمليّة التي يُمكن إيجازها لخفض مستويات الصوت بالمنزل والمصانع وغيرها، ولذلك يجب وضع قواعد ليتبعها الأطفال والبالغين والعمال والحكومات، ومن طرق الحد من الضوضاء:

للأطفال:

يفضل توعية الطفل لتجنب استخدام اللعب التي تحدث أصواتاً عالية وعدم استخدامها بالقرب من أذنه. وذلك من خلال ورش عمل بالمدارس أو الحضانات أو من من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والاذاعة والتليفزيون وغيرها.

للعمال:

يفضل ارتداء سدادات الأذن عند استخدام الأدوات في الورش والمصانع أو استخدام آلة جز العشب أو ماكينات أخرى تسبب الضوضاء. أيضاً يجب الإصلاح المستمر للمكائن التي توجد بالمصانع وبهذه الخطوة من الممكن أن يقلل أو يُعدم الضوضاء، مع تشديد المراقبة على الصناعات وتعديل العمليات للسيطرة على الضوضاء أثناء إصدار وتجديد رخص العمل. ومن هنا فإن المصانع تسلم سدادات للاذن للحد من التلوث السمعى. ولكن للأسف بعض العمال لا يستخدموها. ومن هنا يجب على الأمن الصناعى بالمصانع أو المحافظات مراقبة ذلك.

للحكومات:

يجب إصدار التشريعات اللازمة وتطبيقها بحزم لمنع استعمال منبهات السيارات ومراقبة محركاتها وإيقاف تلك المصدرة للأصوات العالية. كذلك إصدار قوانين حسب كل وحدة إدارية بأي دولة منع استعمال مكبرات الصوت وأجهزة التسجيل في شوارع المدينة والمقاهي والمحلات العامة على سبيل المثال من الساعة 10 مساء لغاية الساعة 5 فجراً.
نشر الوعي وذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ببيان أخطار هذا التلوث على الصحة البشرية بحيث يدرك المرء أن الفضاء الصوتي ليس ملكا شخصيا.
تعتبر النباتات من أهم الطرق لامتصاص الضوضاء خصوصاً الضوضاء النبضية. إن زراعة الأشجار مثل Casuarina، بانيان، تمر هند وNeem على طول الطرق أَو الشوارع العالية يساعد في تخفيض الضوضاء في المدن والبلدات.
إبعاد المدارس والمستشفيات عن مصادر الضجيج.
إبعاد المطارات والمدن والمناطق الآهلة بالسكان مسافة لا تقل عن 30 كم.
يجب أَن تكون خطوط السكة الحديدية والطرق السريعة بعيدة عن المناطق السكنية قدر الإمكان.
التقليل من استعمال طرق النقل الخاصة والاتجاه إلى النقل العام.
الحد من استخدام أجهزة التنبيه في المدن.
ضرورة اقامة عوازل صوت حول المباني المنتجة لتقلل من شدة الضوضاء
الحد من اقامة المصانع ومحطات توليد الطاقة بالقرب من التجمعات السكانية.
استعمال المنتجين لتقنيات التقلل من الضوضاء.
ضرورة اقامة حزام شجري أخضر حول المباني التي تحتاج للهدوء.
استخدام سدادات قطنية للعاملين بالمصانع الرئيسة في الضوضاء.

الحماية التقنية للبيئة من التلوث الضوضائي:

لقد كان للتقدم العلمي آثاراً بالغة وملحوظة في مكافحة الضوضاء، من خلال التقنيات التي كشف عنها. فكما أن هذا التقدم ساعد على وجود الضوضاء، فإنه ساهم في ابتكار الوسائل والحلول لتخفيف حدة الضوضاء. ويمكن القول أن الحماية التقنية للبيئة في مواجهة الضوضاء، تعتمد على عدة طرق أهمها:
1-تصميم آلات وماكينات  أقل ضوضاءً وصوتاً، وإجراء تعديلات في تصميمها تقلل من أصواتها ووضع صمامات لمنع خروج الأصوات المزعجة منها.
2-التحكم في الآلات الموجودة بنفسها، بتعديل طريقة عملها، أو إضافة بعض الأجزاء الجديدة لها والتي قد تمتص بعض الضجيج الصادر عنها.
3-يمكن منع أو تقليل الضوضاء بتغيير الخامات المستخدمة في صناعة الآلة كاستخدام المطاط مثلاً بدلاً من الحديد، أو وضع المطاط أو مواد عازلة للصوت، على جدران المكان حتى تساعد على امتصاص جزء من ضجيج الآلات، ويعتبر حصر مصدر الضوضاء داخل جدران عازلة للصوت من الوسائل التي تستخدم بكثرة لحماية العمال في المصانع من ضوضاء الآلات والماكينات.

التلوث السمعى أوالثلوث الضوضائي

4- استخدام حاميات لحاسة السمع عند العمال بوضع واقي أذن أو سماعات تقلل من الضوضاء، وتمنع وصولها إلى الأذن الداخلية.
5-يمكن بناء حجرات صغيرة من الزجاج العازل للصوت، يجلس بها العمال داخل العنابر في المصانع في فترات لإراحة سمعهم من الضوضاء الشديدة الموجودة بالعنبر، ويمكنهم منها مراقبة الماكينات.
6-يجب أن تكون البيوت السكنية والمدارس ودور الحضانة والمستشفيات، بعيدة عن مصادر الضوضاء، وخاصة الطرق السريعة المزدحمة بوسائط النقل وخطوط سكك ا لحديد.
7-بالنسبة للقطارات يمكن تغطية عجلات القطارات بالمطاط، كما هو الحال في القطارات التي تسير تحت الأرض (مترو الأنفاق).
8-بالنسبة للسيارات تكون المكافحة عن طريق تركيب وسائل عزل الضوضاء فيها، وتشجيع إنتاج كواتم صوت المحركات وأجهزة الاحتراق الداخلي، وتستطيع الدولة أن تخلق مضماراً تتنافس فيه مصانع السيارات، لتخفيض مستوى الضوضاء الصادرة عن محركات السيارات بطرق عديدة مثل: تخفيض الجمارك على المواد الأولية اللازمة لذلك وتخفيض الضرائب على تلك السيارات.
9-الاهتمام بتخطيط المدن وذلك بتعريض الشوارع وتشجيرها وزيادة مساحة الحدائق المنتزهات العامة داخل المدن، وخاصة المدن الصناعية، وقد لجأت كثير من المدن إلى عمل ما يسمى بالحزام الأخضر حول المدن.

 وخلاصة القول:

بعد هذا المقال المطول نستطيع القول الوقاية خير من العلاج . وهنا ياتى دور الأسرة والمدرسة ودور العبادة والاذاعة والتليفزيون والمؤسسات المجتمعية المختلفة فى توعية الجميع وخاصة الأطفال والشباب من الحد  والابتعاد عن  التلوث السمعى بكل أنواعه.  وعلى الحكومات تنفيذ القانون بصرامة لردع من يصدر التلوث السمعى أو من يشجع عليه.
تحيا مصر رئيسا وقيادة وشعبا وشرطة وجيشا والجميع .
والله ولى التوفيق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى